احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

مالك بن نبي و القرآن الكريم

لا بد و أن تكون علاقة الأستاذ بالقرآن الكريم علاقة وطيدة متينة كيف لا و هو الأرضية التي يرتكز عليها , و نقطة البدء التي ينطلق منها  , و هذا بديهي كون مالك بن نبي رجل مسلم قبل أن يكون مفكرا و لكن نفس العلاقة السابقة تأخذ خط سير أخر في حياة مالك بن نبي المفكر و لا نبالغ إن قلنا أنها تختلف بالكلية في جميع نواحيها , من ناحية النظر في القرآن و إليه و من ناحية التعامل معه , ومن ناحية استثمار هذا الوحي المحفوظ النازل من السماء . فمالك بن نبي لا يعتبر القرآن عبادة وفقط تجمع به الحسنات و لكنه يترقى في النظر إلى القرآن حتى يصل الحد الذي يعتبره        القوة الصانعة و المحركة للوجود , كيف لا و القرآن كلام خالق هو أعلم بمن خلق و هو يتأمل يحاول أن يرفع عنه التدخل البشري الذي قد يضر بمصداقيته و يضعف من قوته فكان كتاب الظاهرة القرآنية أول كتب المرحوم , و الذي تبنى فيه منهجا علميا ليفند كون القرآن من صناعة الرسول محمد صلى الله عليه و سلم , و يعتبر هذا الكتاب ظاهرة في حد ذاته و إبداع خالص خرج به عن التقليد , فإن كان الموضوع الكتاب قديما إلا أن طريقة مالك في المعالجة كانت طريقة مستحدثة  يقول الأستاذ محمود محمد شاكر في تقديمه لهذا الكتاب :.," ..وإنه لعسير أن أقدم كتابا هو نهج مستقل , أحسبه لم يسبقه كتاب مثله من قبل , وهو منهج متكامل يفسره تطبيق أصوله , كما يفسره حرص قارئه على تأمل مناحيه , ولا أقول هذا ثناء ....".( الظاهرة القرآنية ص 18)  و يقول في معرض رفعه للبس الذي يمكن أن يقع في الدارس لكتاب الظاهرة القرآنية : " ..وفي بعض فصول الكتاب ما يوهم أن من مقاصده تثبيت قواعد في علم إعجاز القرآن , من الوجه الذي يسمى به القرآن معجزا , و هو خطأ , فإن منهج مالك في تأليفه دال أوضح الدلالة على أنه إنما عني بإثبات صحة دليل النبوة , و بصدق دليل الوحي , و أن القرآن تنزيل من عند الله , وأنه كلام الله لا كلام البشر , وليس هذا هو إعجاز القرآن كما أسلفت , بل هو أقرب إلى أن يكون بابا من علم التوحيد , استطاع مالك أن يبلغ فيه غايات بعيدة, قصر عنها أكثر من كبت من المحدثين و غير المحدثين ..." ( الظاهرة القرآنية ص 26).  

من كتاب الظاهر القرآنية نستطيع أن نجمع أجزاء تصور الأستاذ مالك بن نبي للقرآن و كيفية التعامل معه , و هو التصور الذي سار به الأستاذ في جميع مؤلفات الفكرية اللاحقة , مع عدم نفي عنه ذلك الإحساس الذي يراود المسلم و هو في حضرة كلام رب العالمين . فمالك بن نبي يفرق بين نوعين من الإدراك للقرآن الكريم الإدراك الفطري   الذي تتجلى صوره في الرعيل الذي نزل فيهم القرآن و شهدوا فورة الوحي و قد أدركوا أنه كلام علوي لا يضاهيه كلام بشري مستعينين بسليقتهم العربية التي كانت الميزان بين ما سمعوه طوال حياتهم من نثر و شعر و بين هذا الوافد الذي و إن كان محمولا بما يحسنون و يجيدون إلا أنه قول ثقيل ذو وطأة لا قبل لبشري به مهما تفنن في اللسان . و يعطي مالك بن نبي مثالا لهذا الإدراك فيورد قصة إسلام عمر الفاورق رضي الله عنه , و مثالا مشهورا للوليد ابن  المغيرة حين سمع القرآن من الفم الشريفة فقال قولته المشهورة " و الله لقد سمعت كلاما ما هو من كلام الإنس و لا من كلام  الجن و إن له لحلاوة , و إن عليه لطلاوة "( الظاهرة القرآنية ص 62).   فهذا العارف بلسان العربي أدرك أن هذا الكلام و إن كان حرفا عربيا إلا انه له سمات لا يستطيعها البشر و لا يصلون إليها و إن اجتهدوا لأن المصدر على خلافهم مستقل بذاته , أما الإدراك العلمي ,  فجاء نتيجة التطور العلمي الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية ,و دخول غير العرب في الإسلام و لأن فطرتهم لا تؤهلهم لفهم القرآن ما كان العرب الاقحاح فهم اعتمدوا على إدراكهم العلمي المكتسب لذا   يورد مالك بن نبي  نصا مقتبسا من كتاب "دلائل الإعجاز" للعلامة عبد القاهر الجرجاني و هو يبين الصور البيانية المتعلقة بالآية الكريمة "واشتعل الرأس شيبا"ليعترف بعدها  : " ولا لزوم لذكر النص بأكمله , و إنما أوردته فقط لأبين مباشرة عجزي عن إدراك الإعجاز من هذا الوجه , أي بوسائل التذوق العلمي , بعد أن اعترفت بعجزي عن إدراكه من طريق الذوق الفطري .."  

..." ( الظاهرة القرآنية ص 63).  وهي ليست مشكلة الأستاذ مالك بن نبي وحده فهو رحمه الله كان صاحب ثقافة أجنبية حتمتها عليه ظروف زمنه , بل هي مشكلة أجيال من المسلمين لا تستطيع أن تعتمد على أي نوع من أنواع الإدراك التي قال بها مالك بن نبي , فلا هي صاحبة السليقة و اللسان و لا هي صاحبة العلم و البحث , و بهذا يصبح فهم القرآن و إدراك قوته الإلهية محصورا في فئة من المثقفين الذين أتقنوا اللسان و علموا فنونه , غير أن الأستاذ رحمه الله لم يعترف بعجزه ليتوقف بل اعتمد على القرآن نفسه , و ما كان يدخره من علم و ثقافة حتى اعتمد المنهج النفسي في كتابه الظاهر القرآنية .

و قد بلغ الأستاذ مالك بن نبي في فهمه للقرآن مبلغا مهما و هو يدرس الإعجاز لو استمرت عليه و لم ينزلق لما وقع فيه جل من تعامل مع القرآن تفسيرا و شرحا لكان من الأوائل الذين يردون طريقة السلف الأول , و يكشفون عن أسلوبهم الفطري أو لنقل الأمي و هم يتلقون كلام رب العالمين , يقول :

" فأما حين نريد تحديد هذا المصطلح في حدود التاريخ أي في تطور إدراك البشر لـ (حجة) الدين، وإدراك المسلم لـ (حجة) الإسلام خاصة، فلابد من مراجعة القضية في ضوء تاريخ الأديان.

وهذا هو الإعجاز من نواحيه الثلاث.

أما الآيات التي تدل عليه في القرآن، بل تلفت النظر إليه متعمدة، فهي كثيرة مثل قوله عز وجل: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء17/ 88] . وقوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [هود 13/11 و 14] .

وقوله جل شأنه: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة 23/2 و 24] .

ويجب أن نلاحظ أن هذه الآيات الثلاث لم يسقها القرآن لتنشئ الحجة، وإنما جاءت إعلاناً هنا، وإشهاراً لوجودها في سائر القرآن. كيم تؤتي تأثيرها في العقول المتربصة، وتنتج أثرها في القلوب التي لا زالت في أكنتها.

فإلى أي مدى بلغ هذا التأثير في الوسط الجاهلي؟ "

 

 

فهذه الآيات الكريمات و كما قال الأستاذ مالك لم تكن حجة أي دليلا على إعجاز القرآن , لأن القرآن كلام الخالق و كلام الخالق لا بد أن يفارق سائر الكلام , و أن يعلو و لا يعلى عليه , لأننا نقيس الأمر بحال المتكلم الذي هو الرب عز و جل , و لنفرض جدلا كما يقولون أن هذه الآيات لم ترد في القرآن فهل ستتغير حاله , تتبدل مكانته و ينزل من علوه الإلهي , لن يحدث هذا لأن حال المتكلم واحدة , وبالمقابل لا بد من وجودها في القرآن لا للسبب الذي تفسر به الآن و الجاري على أقلام المفسرين و غيرهم من العامة بل كانت للسبب الذي فهمه الأستاذ مالك بن نبي , الإعلان و الإشهار , الإعلان الذي يملأ الأفاق و يخترق القلوب و العقول , الإعلان بأن هذا الكلام لا يدانيه كلام , و لا يضاهيه بليغ مهما علا شأنه , و هو فوق العرب و إن كان بلسانهم , و فوق البشر و إن اجتمعوا على قلب رجل واحد , و هنا يجب نعلم  أن الآيات الكريمات التي ذكرها مالك بن نبي , تفرق بين حالين من أحوال المخاطب , حال المسلم المؤمن الذي سمع القرآن فعلم يقينا أنه الكلام الإلهي الذي  لا يصله البشري و لا يقدر على الإتيان بمثله , و هذا لا دليل فيه عن مراد الإعجاز , فكيف نروم إعجاز من اعترف بعلوية الكلام , و قدسية المنزل و المنزل , و الاعتراف سيد الأدلة كما يقولون , و لا أظن أن المسلم يقرأ القرآن و هو يبحث عن السبيل التى تجعله يأتي بالكلام الذي يفوق ما بين يديه , و إنما المسلم يطلب الهداية و الرشاد  في القرآن , و يتقرب من الله العلي يتلاوة كلامه في الأرض .

أما الحال الثانية فهو كون المخاطب غير مسلم , كافر بكلام المولى , مدبر عن تشريعاته , فتأتي هذه الآيات لتجعله في مجال التجربة و الاختبار , و لتنصفه من شر نفسه و تفكيره , ولتضعه على نقطة التماس بين دائرة الكفر و دائرة الإيمان  , أي أن الآيات السابقة تحاول أن تعير العقل الكافر تفكيرا إيمانيا ربما إذا فهمه دخل دائرة الإيمان بلا عنت و لا إحساسا بالقهر , فكيف الله يمنع المسلم أن يكره الكافر على الإيمان و الدخول في الإسلام ثم يمارس جل و علا ما نهى عنه هذا لا يليق بالرب الكبير سبحانه و إنما الغاية أن هي القدرة على الاختيار بعد التبين  , فلك أيها الكافر أن تجرب هذا الكلام لتضعه موضع التحليل و التمحيص , و لك الحق بأن تأتي – إن استطعت – بحكبه و نظمه لا تطالب بأكثر من هذا ,  فلا يطلب منك أن تضمنه سرا من الأسرار , و لا أن تخبر بماض مضى و لا أن تنبأ بمستقبل آت , ولا أن تحشوه بتشريع أو قانون , كل الذي يطلب  نظم كنظمه لا غير , و هذا القدر بعيد كل البعد عن الكافر الأعجمي الذي لم ينطق بالعربية قط , و لم يختبر لسانها و لم يعالج أساليبها , فقولة الإعجاز هنا منتفية بالكلية , ساقطة لا محل لها من العقل و المنطق , أما من كفر من العرب أصحاب اللسان فلهم حق التجربة فإن فشلوا وولوا الدبر فلا مناص من الاعتراف و الخضوع و التسليم ,  و هنا أيضا ليس إعجازا كما يتصور خلق كثير من من فسر , بل هي الهداية في أكمل معانيها , و البشارة في أوضح صورها , والنذارة في أعلى أصواتها .

و لنأخذ مثالا مشهورا ألا و هو مثال الوليد بن المغيرة و من كان معه من صناديد قريش الذين لم يؤمنوا بالقرآن و برسالة الرسول صلى الله عليه و سلم , وهم من هم في اللسان و المنطق , و قد سمعوا من الرسول الكريم كلام ربنا العلي و لكنهم لم يؤمنوا بل و تقولوا عليه الأقاويل و ووصفوه بالجنون و الشعر و الكهانة , و تعنتوا مع المبعوث بالرحمة أيما تعنت , و لكنهم قي قرارة أنفسهم علموا وطأة الكلام و جلاله الإلهي و لكن منعهم الكبر  كما لم يهديهم عجزهم الذي عاينوه , لأن الإعجاز لا حجية له على القلوب , و لا سلطان له على النفوس , ولا اعتبار له في العقول , و إنما الهداية هي التي تحرك القلب , وتحمل النفس على الإتباع , و تقنع العقل بسلامة المنهج و الشرعة , و إذا كان الإعجاز قهر فالهداية قناعة و رحمة ,".. فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَة.." ".. وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.." و من أمثال هذه الآيات الكريمة الكثير و الكثير , نتركك تتبعها في القرآن لعلك تجد الهداية و الرحمة و البشرى , و لكنك حتما لن تجد الإعجاز , بل على العكس تماما فقد يذهلك أنك من تريد إعجاز ربك .....أنت الإنسان ".. وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴿١٣٣﴾ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ .."

وربما خلطت لوثة الإعجاز الفكر الإسلامي , لوقوع المقارنة التي لا اصل لها و هي مقارنة ما جاء به الأنبياء الآيات – المعجزات كذبا- فهم صوروا لنا أن موسى جاء بالعصا و اليد البيضاء كون الفراعنة كانوا أهل سحر , و عيسى جاء بإبراء الأبرص و الأكمه و إحياء الموتى بإذن الله كون قومه كانوا أهل طب , و بالمقارنة الفاسدة و  النظرة الجزئية يقولون أن الرسول جاء بالقرآن مجمع البلاغة و الفصاحة ليعجز قومه لأنهم أهل لسان و منطق , و لكن المتدبر لكلمات الله وقرآنه المجيد علم يقينا أولا أن الآية خارجة عن ذات النبي و لا سلطة له عليها فهي بأمر الله وحده , و علم ثانيا أن يحقق مطالب الكفرة في الإتيان بالآية – الآية هنا المعجزة كما يقولون – فهم يقد يطلبون من النبي أمرا لا يحققه لهم الله و هذا دليل على أن لا سلطة للنبي في أمر الله  بل الله وحده هو من يحدد الآية و يرسل بها فتظهر للناس على يد النبي , و المرة الوحيدة التي شذت عن هذه السنة الربانية الحكيمة هي مائدة بني إسرائيل و لكن على شرط بالغ الخطورة " إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (115)

"  و سيعلم ثالثا أهم مشكلة . ماذا  ستقع إذا وجد أية الناقة , أية الطوفان , صاحب النون , و حكاية أب الملة إبراهيم , وأين هي معجزة سيدنا لوط , و يحي و زكريا , و ما كان فعل قوم سيدنا يوسف – الهكسس-... من القول الفاحش و الفكر الفاسد الدخيل أن نقول بمقالة هؤلاء , و الحاصل أن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه و سلم لم ينزل عليه القرآن لأن العرب أهل لسان و فصاحة , و إلا خرج غير العرب من هيمنته بل و خرجنا نحن الآن كما قلنا آنفا , و لا عيسى جاء بالدواء و الإحياء لأن قومه أهل طب و كذا موسى بل الحقيقة أن الآية الربانية  أمر من الله الاختبار الذي يجعل الناس أمام الحقيقة التي تقول أن الله احد لا شريك له و لا ند يماثله أو يدانيه , هي تخويف للناس الذين يكابرون في هذه الحقيقة , ويعاندون الحق "...................." , ولأن الناس لم يؤمنوا إلا قليلا , فكانت آية القرآن المهيمنة , الآية الأعظم و التي كانت للناس كافة عربهم و عجمهم انسهم و جنهم , و لم تكن إلا كلمة الكلمة الربانية الهادية التي هيمنت على كل الكلم , مستمرة ما استمر الزمن , فإذا تكلم الرب

و فكرة الأستاذ مالك بن نبي من كون هذه الآيات إعلانا صائبة و حقيقة أن يعمق الطرح فيها , فهي – الآيات – لفت نظر من الله إلى البشر سواء , لفت نظرهم أنه كلام خالق عليم بصير .

و لكن مالك بن نبي و قع في ما وقع فيه الكثير و قال بالإعجاز و قد كان قريبا من أن يفلت من هذه اللوثة التي خالطت الفكر الإسلامي , فالغريب من هؤلاء هو اعتبارهم الإعجاز حجة الله على الخلق , ودليل عليه , فحين أن الإعجاز لا خبر له في القرآن و لا في السنة , و ما كان لخالق متعال أن يعجز خلقا خلقه بيده و هو من نعته بالضعف و قلة الحلية , فهذا لا يقبل في حق بشري فكيف يقبل في حق الله , إن الآفة التي سقط فيها هؤلاء هو جهلهم بالغاية الكبرى التي نزل من أجلها القرآن و حارب في سبيلها الأنبياء  , الغاية هي معرفة الله , المعرفة التي تؤهل الإنسان للدخول في دور الكمال بمعرفة الكمال , و لا معرفة إلا بهداية من الله , إن حجة الله على الناس هي الهداية التي نزلت في كلامه , و هي الدليل عليه و على و جوده , والقرآن يشهد بهذا في الكثير من آياته الكريمة , كما لا يترتب عن جهلك أو علمك بالإعجاز شيء , في حين أن كل التبعة تقع عليك في أمر الهداية .

و إن سلمنا جدلا بأن القرآن جاء ليعجز العرب في أغلى ما يملكون ألا و هو اللسان فأية قيمة بقيت الآن للقرآن و قد ضعفت العربية و صارت عجمة و رطانة لا هي عربية و لا هي أعجمية .

 


var vglnk = { api_url: '//api.viglink.com/api', key: 'a187ca0f52aa99eb8b5c172d5d93c05b' };

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق