احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

الرابط The link


 

"الرابط" برنامج ممتع على قناة التميز ناشيونال جيوغرافيك ,  يعنى بربط الأفكار التي غيرت العالم تاريخيا , و كيف تدرجت في الزمن أي أن لكل هذه الأفكار  المتجسدة الآن أمامنا في ما يسمى بالتقنية  تاريخ قديم يصنعه العباقرة و ربما شاركت الصدفة التي يقتنصها أصحاب الموهبة .

فكرة البرنامج رغم أنها رائعة إلا أنها ليست جديدة , فالأستاذ مالك بن نبي رحمه الله أشار  لهذا الرابط التاريخي الذي يجمع أفكار  العباقرة  و أهل الإبداع في علاقات كثيرة و متشعبة ,  فالأستاذ لما ناقش فكرة اختراع "المصباح" على يد ايديسون  أرجعها إلى تاريخ طويل قديم , فالمصباح لم يكن لقيطا و لا وليد الصدفة و العشوائية ,  و عي هذه التاريخية و التسلسل  يضعنا أمام مبدأ أن التطور تكديس الأفكار و إيجاد العلاقات المناسبة بينها و  التي تخلق الفكرة الجديدة , و محاولة اختراع العجلة ضرب من الجنون و الغباء .

قراءة الرابط هو أساس الموضوع برمته , و في  هنا بالذات ينتابنا القصور , وتضعف قدرتنا  على القراءة الصحيحة , معتقدين أن الفكرة محض لمع يومض في العقل , الفكرة لها بيئة تخلق فيها و تتطور , و لا يتعلق الأمر بتاتا بكثرة ما في العقل من أفكار  و معلومات مجمعة بقدر ما يتعلق بطريقة معالجتها و منه كيفية استثمارها في مكانها و زمانها المناسبين , و لنا في جهاز الحاسب المثال فهو يحاكي العقل الإنساني في عمله ,  و لك أن تزود هذه الآلة بما شئت من معلومات فلا تنتج شيئا و تنزل لحد أن يكون مجرد بنك للمعلومة و فقط , و لكن عندما تزوده  بتصميم العلاقة التي تربط ما فيه من معلومة , فسيتغير الناتج بالكلية من جهة السرعة و التنظيم و الانتقاء و الاختصار ..و غيرها من الميزات التي تعلمها في هذا الاختراع , فما بالك بالعقل الإنساني الذي يفوقه قدرة  و تعقيدا بملايين المرات . 

إن الضعف في قراءة الرابط و فهمه يفقدنا القدرة على الإبداع , بل و يجعلنا نرى الأشياء خارج نسقها العام و بعيدا عن منطقية تراتبيتها التاريخية ,  و بهذا فإن عقولنا تتبعثر  بينها و لا تستطيع فهم كيف يحدث التطور  و بأي الآليات المناسبة , و  عدم الفهم يضعف الإبداع بل و يضعف مجرد التفكير فيه , لأن العقل تعود على فصل الأفكار  عن بعضها البعض و  معالجتها على أساس أنها عينات منفصلة بذاتها   و كذا يحدث له مع الأشياء  فمثلا يرى السيارة وحدة كاملة و كأنها صبت صبا بكل ما فيها رغم أنها جملة معقدة من الأدوات التي هي جملة من الأفكار  كل منها لها كما للإنسان مراحل حياة ماض و حاضر و مستقبل .

إشكالية العقل المسلم أنه عقل ذري لا يتحمل قسوة التجميع , و  لا يحسن قراءة  شيفرة  الروابط التي تؤسس الشبكة العامة .

هذا الإشكال ليس من ذات العقل و ليس طبعا فيه , بل هي برمجة قديمة نوعا ما , و إذا اعتبرنا أن هذا العقل الذي دخل التاريخ يوم أن أعيدت صياغته  و برمجته ببعثة محمد صلى الله عليه و سلم , التي ربطته بالسماء و أغنته عن الكثير من المبهمات التي لم يجد لها تفسير ,  و حددت له المناطق الحرة التي يمكن أن يمارس فيها مواهبه , و كشفت له عن الروابط بين  الأشياء في الكون و كيفية قراءة الكتاب الكبير  حيث كان أول مبدأ "إقرأ باسم ربك الأكرم" , لأن أي قراءة لا تبدأ بهذا الاسم ستنهار  بعد حين أو  تشط عن حدها المرسوم و تدخل في منطقة الخطر . ثم زودته ببرمجة متجددة حاضرة كلما أحس بذرات الانحراف بدأت   تعطل عمل تروسه فكان القرآن  الهادي .

و لكن العقل غالبا ما يحاول الانفكاك عن برمجته الأولى ليخلق لنفسه البرمجة الخاصة به ,  و يتضخم , و شيئا فشيئا يستبدل كل ما كان بما يخلقه هو  و عندها و لا ريب يصطدم بمبهمات و يواجه عوائق لا يستطيع فهمها إلا  باستعارات خاطئة , هذا ما فعله العقل المسلم , يوم غرته قدرته و شطت به بعيدا عن الهادي و صيره كتاب مزخرف .

و عليه إذا أردنا أن نتقدم و نمارس حقنا في التطور و الإبداع يجب أن نبدأ بقراءة تاريخية إرشادية تهيئ العقل ليبني العلاقات المناسبة بين الأفكار  و الأشياء , و أن يتعامل مع كل المخترعات الحديثة على أنها كائنات حية لها قصة حياة و لها شجرة عائلة , و لا يتم هذا الأمر خاصة في العقل المسلم إلا بإسقاط التفسيرات الخاطئة و برمجة العقل على التصميم القرآني الأول من فم الرسول صلى الله عليه و سلم , فهذا التصميم الفريد هو الوحيد القادر على ضخ العقل بمادته الحافظة من ناحية و المبدعة من ناحية أخرى . و غير هذا لن نستطيع الحراك و سنظل كما نحن نرى الأشياء كالشواد الطائرة  لا نظام لها و لا غاية .

  

 

var vglnk = { api_url: '//api.viglink.com/api', key: 'a187ca0f52aa99eb8b5c172d5d93c05b' };

اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق